Sep 11, 2012

مدونتي العزيزة


لربما لن يفهم تخاطبنا هذا الكثيرون، ولربما فكّر أحدهم "فاقد".. وربما أكون، ولكنّي وبكل صدق أحمل لك الكثير في قلبي، وقد فكّرت اليوم، لربما سيأتي الوقت الذي لا تعودين فيه "متاحة" وتنغلق أبوابك في وجهي، فتضيع الفرصة لأعبر لك عن مشاعري، نعم مشاعري الإنسانية التي أكنّها لك أنت الافتراضية والمتصرفة بأمري وبمزاجي، فدعيني أتواضع قليلاً وأدوّن فيك لربما تدوينة أخيرة أو قبل أخيرة أو حتى يُقرّ القانون الجديد فلا أجد لك رئيس تحرير مخضرم، ولا أستصدر لك رخصة مزاولة للمهنة، ولا أكلّف نفسي عناء مراقبة التعليقات وأرشفتها، فكما تعرفين، تحمل الكثير من صفحاتك سباً وقدحاً وذمّاً طالني من طُفيليات تحمل أشباه آراء فتركتها، لأننا اتفقنا منذ البداية أنّك حرّة خالصة، فلا تعترضين على ما أقول، ولا أعترض على زوّارك. أمّا وقد أصبحت مهددة بأن تصبحي بيتاً مهجوراً آخر في هذا الفضاء المفتوح، فدعيني أُسر لك بما لا تعرفيه عن نفسك.. فقد وُلِدت فكرة تكوينك في رحم ليلة في بلد غريب، كنت أبحث فيه عن وطني عبر شاشة ولوحة مفاتيح، أتعرفين ذاك الشعور؟ كالباحث عن ذرة أكسجين لحظة الاختناق؟ ليلتها وجدت العديد ممّن يشبهونك لأناس اكتشفوك قبلي بكثير، سحبني عالم المدوّنات لليال متتالية، أقرأ محتواها وأرشيفاتها وتعليقاتها، فتأخذني للحارة، ووسط البلد والبسطات والأسعار والأخبار وووو.. وبلا أدنى تخطيط مسبق، قررت فكرتان في رأسي التزاوج وولدت أنت، ولا أعرف كيف كبرتِ وكيف ازداد زوّارك، ولكنّي أعرف أنّك أصبحتي بيت أفكاري، في الغربة أولاً؛ أرسل للوطن معك أشواقي وحبي ومغامراتي، وفي الوطن ثانياً؛ ملاذي وموطن آمالي لغد أفضل نفخر به معاً.

ومن خلالك عرفت أناساً جميلين، مدوّنين وقارئين، ومن خلالك أرسلت الرسائل لوالدي في العالم الآخر، ودوّنت في ثناياكي أتفه أفكاري وأكثرها نضوجاً، ولربما تستغربين عندما أقول أنّك لعبت دوراً لن تصدقيه في مجرى حياتي، فلولاكي، لكنت على الأغلب جالساً خلف مكتب ألبس قميصاً وبنطالاً وربطة عنق أدقق أرقاماً وحسابات مالية "اكتوارية"، ولكن ولحظي السعيد، أحدهم وجدك في يوم من الأيام وعرض علي عملاً أكتب فيه كما أكتب فيك وألبس فيه الجينز! فشكراً جزيلاً لك على هذا المعروف، فلم أكن يوماً ممن يتقنون فن ربطات العنق، ولا تلميع الأحذية الرسمية!

وبما أن هذه الرسالة خاصة فلا مانع من الإطالة، فلتعرفي أيضاً أنني وبفضلك تواصلت مع كثيرين حول العالم، وبالأخص في العالم العربي الجديد الذي ضجّ بدماء فائرة تريد الأفضل والتجديد، فشكراً لك لأنك جعلتني جزءاً من حراك سيحكم عليه لاحقاً وسيقال عنه الكثير، لكنه بغض النظر، كان حقيقياً، لا وهمياً ولا عبثياً.

ولتعلمي أنّي كنت وفياً لك، وقد وقفت في وجه محاولات تغيير عنوانك الإلكتروني إلى واحد أكثر احترافية من قبل أصدقاء كثر أكثر من مرة، ولكني اليوم أجد نفسي عاجزاً أمام الجَزر الآخذ بالابتعاد، فاعذرينا إن لم نستطع إنقاذك، ولو إلى حين، واعلمي أنّي أحبّك.